أتدرون لم نحن نحب عائلة آل إبراهيم عليه السلام ؟
أتدرون لم نصلي على هذه العائلة مع كل أذان وفي كل صلاة في التشهد الأخير؟
إن لتلك العائلة المباركة تاريخ ..وأي تاريخ ..
تاريخ حافل بالعطاء ..بالدعوة .. بالكرم .. بالبذل لهذا الدين ..بالتضحية في سبيله .. بالبناء .. بالثبات .. باليقين .. بالدعاء والمناجاة ..
إنها قدوة كل الأسر الإسلامية في التربية الإسلامية.. وفي تكوين الأسرة المسلمة والبيت المسلم ..
إنها أسرة مكونة من الأب الصالح ( إبراهيم )
عليه السلام والزوجة الأولى الصالحة ( سارا )
والزوجة الثانية الصالحة ( هاجر )
والأولاد الصالحين ( إسماعيل وإسحاق ) ..
ولنتأمل هذا الدعاء الذي طالما رددناه في صلواتنا وبعد كل نداء للصلاة ..
(اللهم صلِّ على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ،كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد)
فالمسلم يفخر ويعتز بأنه حلقة في سلسلة الخير .. فقد ذكر العلماء معاني ( آل محمد ) : فقد قيل ( هم من حرمت عليهم الصدقة من بني هاشم وبني عبد المطلب ، وقيل : هم ذريته وأزواجه ، وقيل : هم أمته وأتباعه إلى يوم القيامة ، وقيل : هم المتقون من أمته)
أما الأب في هذه الأسرة المباركة
هو خليل الله ، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه ، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولِد له إسماعيل وإسحاق، وقام إبراهيم ببناء الكعبة مع بنه إسماعيل عليهما السلام .
وهو أحد أولي العزم الخمسة الكبار "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً (7)سورة الأحزاب
عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأتم التسليم ,
وهو النبي الذي ابتلاه الله , بلاء فوق قدرة البشر وتحمل لجسم و الأعصاب , ولكن مع شدة وعنت البلاء ..
كان إبراهيم عليه السلام هو العبد الذي وفى , (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) [سورة النجم] وزاد على الوفاء بالإحسان , فكان من فضل الله على إبراهيم عليه السلام أن جعله الله إماما للناس,
"إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)" سورة النحل
وجعل في ذريته النبوة والكتاب , فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده , حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة .
ولو وقفنا كثيراً نبحث عن سيرة وحياة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتكريم الله عز وجل له لعلمنا أننا أمام سيرة إنسان جاء ربه بقلب سليم , نبي ألان قلبه لربه وأستسلم له في أموره كلها .. إنسان ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ )فقال ( أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) امتثالا لربه وسرعة في الإجابة والإنابه
"إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)"سورة البقرة
أبينا إبراهيم عليه السلام هو أول من سمانا المسلمين
"...مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ..." سورة الحج
إبراهيم عليه السلام جدٌ وأباً لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده ,
نبي كريم موحد حليم أواه منيب ..
انظروا لإبراهيم عليه السلام كيف امتثل لأمر الله - عز وجل- ووحيه ، وأخذ وحيده إسماعيل وزوجته هاجرعليهما السلام وذهب بهما إلى مكة ، (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) ، وأنزلهما بمكة في موضع زمزم ، ومضى لا يلوي على شيء .. ودعا ربه دعاءه الخاشع الراضي ، وانصرف إلى أهله بالشام ، وترك هاجر وولدها الذي طالما دعا الله سبحانه وتعالى أن يرزقه به ..سبحان الله ! ما أعظمها من تضحية ! أبعد أن يُرزق الولد ، ويراه بين يديه ، وتقر عينه برؤيته ، يُحرم منه وهو حي يرزق ؟ !
والأعجب من هذا أن يحرم منه طائعاً مختاراً نزولاً على أمر الله عز وجل ,
ثم يؤمر بذبح ولده _ فلذة كبده _ ووحيده ، الذي جاءه بعد يأس من الولد .. وهو في أمس الحاجة له على كبره قيل : كان عمر أبينا إبراهيم عليه السلام ( 80 ) عاما ، وقيل : ( 120 ) عاماً ، ثم يؤمر بذبحه وقد بلغت فيه الآمال مبلغها
قال تعالى " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) "سورة الصافات
فيا لها من استجابة .. وياله من استسلام .. وياله من انقياد .. وياله من حب ..
ثم هو الذي بنى بيت الله الحرام والكعبة المشرفة قبلة المسلمين هو وولده إسماعيل عليه السلام